Wednesday, 20 January 2016

القضية الاحوازية : قراءة منهجية

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريف بالاحواز "عربستان":
الاحواز أو عربستان هو إقليم عربي، يضم شعب عربي، خاضع للاحتلال الايرانى منذ عام 1929.

أصل الاسم :
الأحواز هي جمع لكلمة "حوز"، وهي مصدر للفعل "حاز"، بمعنى الحيازة والتملك، وهي تستخدم للدلالة على الأرض التي اتخذها فرد وبين حدودها وإمتلكها. وعند الفتح الإسلامي لفارس أطلق العرب على الإقليم كله لفظة "الأحواز"، وأطلقوا على العاصمة سوق الأحواز ... أما "الأهواز" فهو اللفظ الفارسي للكلمة. وفي العهد ألصفوي سماه الفرس: "عربستان" أي القطر العربي. أما "خوزستان" فهو الاسم الذي أطلقه الفرس على الإقليم وهو يعني بلاد القلاع والحصون، وسمي به الإقليم مرة أخرى بعد الاحتلال الفارسي... 

تعريف بالإقليم : 
يقع إقليم الاحواز بين خطي عرض 30 و33 شمالاً، وخطي طول 48 و41 شرقًا، بمحاذاة الحافات الشمالية للخليج العربي. وتبلغ مساحته 159,600كم². ويبلغ عدد سكانه نحو سبعه ملايين نسمة، وأغلبيتهم المطلقة عرب ينحدرون من قبائل عربية منها :
ربيعة وبنو كعب وبنو عامر وبنو طرف وبكر وتميم وحرب ومطير والدواسر وشمر وعنزة وظفير وسبيع وعتيبة.. والاحوازيون مسلمون يتوزعون على المذهبين  الشيعي والسني .

إقليم الاحواز  جزء من الامة العربية :
وتاريخ الاحواز يثبت أن إقليم الاحواز قد أصبح بعد الفتح الاسلامى جزء من كل، هو الامة العربية "التي أوجدها الإسلام كأمه موحده، ولم توجد قبله إلا كشعوب وقبائل متفرقة"، وان كان قبل الفتح الاسلامى كل قائم بذاته، متمثلا في الوجود الحضاري القبلي والشعوبي الاحوازى السابق على الإسلام. فقد قامت في الاحواز قبل الفتح الاسلامى العديد من الحضارت الشعوبية - السامية القديمة "حضارات مابين النهرين"، المتمايزة عن الحضارات الفارسية الشعوبية – الآرية القديمة والمستقلة عنها، منها الحضارة  العيلامية، وخضع الإقليم لسيطرة البابليين ثم الآشوريين، والكلدانيون والميديون....ولاحقا غزته المملكة الساسانية، ولكنها اقتنعت المملكة بصعوبة إخضاع سكانه الساميين، فسمحت لهم بإنشاء إمارات تتمتع باستقلال ذاتي، مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني.....كما سكن الأحواز الأنباط والتدمريون، وهم شعوب عربية قديمة، ذوو حضارة شعوبية قديمة.  
لكن منذ  انتصار العرب المسلمين على الفرس في القادسية وإقليم الأحواز يتبع لولاية البصرة، تحت حكم دوله الخلافة الإسلامية، إلى أيام الغزو المغولي. ومن بعد نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م)، واعترفت بها الدولة الصفوية والخلافة العثمانية كدولة مستقلة، إلى أن نشأت الدولة الكعبية العربية (1724-1925م)، وحافظت على استقلالها، حتى سقوطها على يد الشاه بهلوي 1925

أعلام الثقافة العربية – الاسلامية من أبناء الاحواز: 
وتأكيدا لعروبة الاحواز، فقد كان العديد من أعلام الثقافة العربية الاسلامية من أبناء إقليم الاحواز ومنهم على سيبل المثال لا الحصر:
1)   عبدالله بن المقفع الأديب المعروف
2)   سيبويه "عمر ابن عثمان" أمام النحاة في عصره
3)   ابو نؤاس "الحسن ابن هاني" اعظم شعراء بغداد في عصره
4)   ابن السكيت "يعقوب ابن اسحاق ابن يوسف المعروف بأبي يوسف" اللغوي
5)   ابن ماسويه "يوحنا المعروف بأبي زكريا" من علماء الأطباء في مدينة جند
6)   سهل ابن عبدالله التستري  من أئمة الصوفية
7) ابو سلام الجبائي "محمد ابن عبد الوهاب الجبائي" من كبار شيوخ المعتزلة وحكمائها
8)   الحلاج "الحسن ابن منصور" الصوفي المعروف (موقع المعرفة)

الاستعمار العالمي وبداية الاحتلال الايرانى للاحواز:
وقد كانت بداية الاحتلال الايرانى للاحواز، باتفاق من الاستعمار البريطاني، ففي عام 1920م اتفقت بريطانيا مع إيران على إقصاء أَمير الأحواز (عربستان)، وضم الإقليم إلى إيران، فهذا الاحتلال تم في إطار سياسة الاستعمار القديم البريطاني، ألقائمه على تجزئه آلامه العربية، ولاحقا في إطار سياسة الاستعماري الجديد (الامبريالي الأمريكي)، ألقائمة على دعم النظام الايرانى، والتغاضي عن جرائمه  ضد شعبه والشعوب الأخرى، بهدف جعله رأس حربة في مواجهة مد التحرر من الاستعمار، وجعله شرطيا للخليج العربي ليحمي مصالحهم فيه.

الشعوبية الفارسية واستمرار الاحتلال الايرانى للاحواز :
وقد استمر الاحتلال الايرانى للاحواز، رغم تغير نظام الحكم من نظام حكم الشاه الموالى للغرب وذو العلاقات الوثيقة بإسرائيل، إلى نظام ولايه الفقيه، الذي يرفع شعارات مناهضه للغرب وإسرائيل، ورفض الاستكبار والاستعمار ومناصره المستضعفين، وسبب استمرار هذا الاحتلال هو الشعوبية الفارسية، ويتمثل المفهوم التاريخي للشعوبية في انه عندما ظهر الإسلام كان الفرس في طور الشعب، بينما كان العرب في قلب الجزيرة في طور القبائل، فارتقى إلاسلام  بالعرب إلى طور أمة، ثم حمل العرب إلاسلام إلى الفرس ليرتقي بهم إلى أمة مسلمة، غير أن هناك من يرفض هذا الارتقاء، كما كان يستعلى على العرب حملة إلاسلام، فكانت الشعوبية الفارسية مناهضة للإسلام والعرب معا، يقول أبن قتيبه (إن الشعوبية بفرط الحسد ووغر الصدر تدفع العرب عن كل فضيلة، وتلحق بهم كل رذيلة ،وتغلوا في القول في الذم، وتبهت بالكذب، وتكابر العيان وتكاد تكفر، ثم يمنعها خوف السيف) (كتاب العرب أو الرد على الشعوبية– رسائل البلغاء ت. محمد كرد علي، ص 344)، ورغم أن هذه الشعوبية التاريخية خفتت في مراحل تاليه، إلا أنها استمرت في الظهور عبر تاريخ إيران، وتبنتها قطاعات مقدره من النخب الحاكمه الايرانية، رغم تغيير الانظمة السياسية، أخذه أشكال متعددة، منها:
ـ الاستيلاء على أجزاء من الامة العربية: كالاحواز- عربستان- والجزر الثلاثة” ابوموسى والطنب الكبرى والكبرى ” …)
ـ وانتهاك سيادة الشعوب العربية على أراضيها
ـ وتوظيف بعض أبناء الطوائف للشيعية في الامة العربية كأدوات لتحقيق نفوذ ايرانى اقليمى، بما يلزم منه- فعليا – تأجيج مشاعر العداء لإيران لدى الجماهير العربية
ـ وتأجيج صراع طائفي يتضرر منه الجميع – وأول المتضريين الطوائف الشيعية العربية.
وبهذا تكون النزعة الشعوبية الفارسية شكل من أشكال الاستعمار الاقليمى، الذي لا يختلف كثيرا عن الاستعمار العالمي: الاستيطاني ”الصهيوني”، والقديم ”العسكري: البريطاني، الفرنسي …” والجديد ”الامبريالي: الامريكى”. وبهذا فان التحرر من النزعة الشعوبية الفارسية هو من أهم شروط حدوث اى قدر ممكن من الوحدة أو التضامن بين الأمتين العربية والايرانية .

انتهاك الاحتلال الايرانى لحقوق الشعب الاحوازى ومحاولته إلغاء هويته العربية :
وقد استمر الاحتلال الايرانى في سياسة حرمان الشعب الاحوازى من كافه حقوقه الانسانيه والدينية والقومية – بما في ذلك محاولته إلغاء الهوية العربية للشعب الاحوازى :
ومن مظاهر هذه السياسة:
• إلغاء مؤسسات الحكم العربي السياسية والإدارية والقضائية في الأحواز، وإعلان الحكم العسكري المباشر
• إنكار حق تقرير المصير للشعب الأحوازي، وحرمانه من كافه حقوقه السياسية
• اقتطاع أجزاء من الإقليم وضمها إلى المحافظات الايرانيه
• تغيير الملامح العربية للإقليم وتغيير أسماء المدن والشوارع والميادين
• منع المحاكم "الأحوازية" من الترجمة للغة العربية وإليها
• مصادرة الكتب العربية
• منع تدريس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية
• انتزاع الأراضي الزراعية من أصحابها العرب وإقامة مستوطنات ايرانيه تحت غطاء مشاريع صناعية زراعية

المقاومة الاحوازية للاحتلال الايرانى:
 وقد استمرت مقاومة الشعب العربى الاحوازي للاحتلال الايراني، ومن أهم مظاهرها قيام الشعب الاحوازي بالكثير من الثورات والانتفاضات الشعبية ضد الاحتلال الايراني، ومن أهمها:
1)   ثوره جنود الشيخ خزعل وحرسه الخاص 22 يوليو 1925
2)   انتفاضة شعبية مسلحة في المحمرة بقياده الشيخ عبد المحسن الخاقاني
3)   ثورة الحويزة بقيادة الشهيد محي الدين الزئبق رئيس عشائر الشرفة عام 1928
4)   اِنتفاضة بني طرف (الأولى) عام 1936
5)   انتفاضة عشيرة كعب الدبيس بقياده زعيمها  الشيخ حيدر ألكعبي عام 1940
6)   اِنتفاضة الغجرية بزعامه الشيخ جاسب بن الشيخ خزعل ألكعبي عام 1943. 
7)   حركة الشيخ عبدالله بن الشيخ الشهيد خزعل ألكعبي عام 1944
8)   اِنتفاضة بني طرف (الثانية) عام 1945.
9)   الاِنتفاضة الشعبية بقياده الشيخ مذخور الكعبي عام 1946
10)   اِنتفاضة شعبية لعشيرة النصار عام 1946
11)   اِنتفاضة مسلحة بقيادة الشيخ يونس العاصي عام 1949
12) الاِنتفاضة المسلحة بقياد الشهيد محي الدين آل ناصر والشهيد عيسى المذخور والشهيد دهراب الناصري في عام 1956، تحت تأثير حركه التحرر القومي العربي من الاستعمار، بقياده الزعيم جمال عبد الناصر (رحمه الله تعالى)، وتمّ إعتقالهم في العام 1963م وإعدامهم في 13/6/1964م، بعد لقاءهم بالزعيم عبدالناصرالذي دعمهم بالاسلحة والمساعدات المادية
13)  انتفاضة الشعب العربي الاحوازي عام 1979
14)  الانتفاضة الشعبية 1985 في عهد الخميني
15) انتفاضة نيسان الأحوازية 15/04/2005، اثر تسرب وثيقة عن مكتب الرئيس الايرانى "محمّد خاتمي"، تنصّ على ضرورة تهجير ثلثي سكان الأحواز، وإحلال أعداد مماثلة أو أكبر محلهم في الإقليم (المصدر: مجموعة عبدالعزيز قاسم البريدية)

نصره القضية الاحوازية :
نصره القضية الاحوازية واجب قومي واسلامي وانساني، وهو ما يتحقق من خلال العديد من الآليات ومنها
 التعريف بالقضية الاحوازية.
• الدفاع عن الحقوق القومية والانسانية للشعب العربى الاحوازي في المحافل الاقليمية والدولية.
• تمثيل الشعب العربى الاحوازي في جامعة الدول العربية. وتمثيله  دبلوماسيا – ولو بشكل رمزي- في كافة الدول العربية.
 ممارسة الضغط الرسمي والشعبي على الدولة الإيرانية، لوقف انتهاكها المستمر للحقوق الانسانية والدينية والقومية للشعب الاحوازى.
• دعم الاحوازيين معنويا وماديا.
 تفعيل الروابط الموضوعية القومية بين الشعب الاحوازي وباقي شعوب الامة العربية.

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلامية في جامعة الخرطوم
 

No comments:

Post a Comment